[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قال سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم في الكلمة التي ألقاها في افتتاح دورة «السير والسلوك إلى الله في خضم العمل السياسي» التي نظمها مركز التدريب والتأهيل السياسي في جمعية الوفاق ويحاضر فيها سماحة الشيخ عادل الشعلة،
إن الساحة السياسية فيها تحديات تحتاج إلى مستوى نفسي وفكري متقدم، وارتباط بالله، واستحضار دائم لفقر الذات.
وذكر سماحته أن الذين يريدون أن يخوضوا صراع السياسة عليهم أن يطلبوا لأنفسهم بناءً راسخاً في البعد الإرادي والروحي والفكري، مشيراً إلى أن الساحة السياسية فيها فرص دنيوية كبيرة، وتهديدات ومغريات تخلق صعوبة، وهذا كله عقبات أمام الثبات على الموقف.
ولفت سماحته إلى أن الساحة السياسية فيها مصيبة أخرى، وهي مسألة تأجج الشعور بالأنا، بحيث يتحرك الشعور في الغلبة على الآخر من أجل الانتصار للذات والنفس، وليس المبدأ والاعتزاز بالمبدأ، موضحاً أن كل مساحات العبادة صعبة وبعضها أصعب من البعض الآخر.
وأسهب سماحته في التحدث عن مفهوم الكمال، مؤكداً أن كل مساحات العبادة صعبة وتحتاج إلى فكر وإرادة وصبر ونباهة وروح منفتحة ومواجهة أعداء في الداخل، وهي مساحة جهاد كبير ومعركة يقودها الإنسان بفكره وفطرته وتربيته وقيم دينه. وأضاف سماحته أن الحياة بلا هدف هي حياة ساقطة، لافتاً إلى أن الهدف هو أن يكمل الإنسان، وأن تسمو ذاته وتتجاوز في مستواها مستوى الطين، وأن تفارق همومها ونظرها ما تزخر به الأرض من زخارف ولذائد، موضحاً في الوقت نفسه أن الشيء الوحيد الذي يصلح أن يكون هدفاً هو كمال الذات.
وأشار إلى أن الإنسان يستغيث بالله في ضعف بدنه، وهذا هو واقع الفكر والسلوك حسب تعبيره، مشدداً على «أن لا هداية لنا لحظة واحدة إلا بالله، وإمداد منه سبحانه وتعالى».
وأردف سماحته بأن من التفت إلى نقصه فهو قد طلب الكمال، وطلب الخروج من ذلة وزنزانة وخناق النقص، مشيراً إلى أن الكل يشعر بنقصه البدني فيسعى للحصول على القوة البدنية، ذلك أنه يحب الكمال، والنفس لا تفتر في طلب الكمال.
كما أكد سماحته أن الكمال هو القوة، والضعف نقص، وأن الحديث عن الكمال هو حديث عن القوة، موضحاً أن درجات العلم كلها قوة والجهل كله ضعف، وأن الصبر والشجاعة وكل الكمالات النفسية كلها قوة حقيقية وليست اعتبارية.
واستطرد سماحته بالقول إن القدرة على البذل الواعي وعلى اتخاذ الموقف الجريء كل ذلك كمالات للنفس، مؤكداً أن «الذات الحقيقية هي ليست البدن، وإلا فإنه عندما يقتطع عضو من جسم الإنسان فإنه لا يشعر بأن ذاته نقصت، نعم يشعر بنقص في بدنه، ولكن لا يشعر بنقص في ذاته الإنسانية».
وقال سماحته «إن نفساً يعيشها أبا ذر، وسلمان المحمدي لو وجد أن تملك القصور من غير أن يقع هذا على طريقها الأخروي لما فعلت، وأن هناك أبطالاً وعلماء يستلذون جداً بمعايشة ما يقرب من هيكل عظمي بروح من مثل روح أباذر وسلمان».
وأشار سماحته إلى أن الحصول على المواقع أو الزعامات أو غيرها لا يغير في النفس شيء ولا يضيف كمالاً إليها، موضحاً أن هذا الأمر اعتباري إنشائي ليس له واقعية ولا يملأ فراغ، وقد يعطي شعوراً بالعظمة ولكن هذا الشعور كاذب وهو لا يضيف للنفس شجاعة أو كرماً أو غيرها من صفات الكمال.
وشدد سماحته على أن طلب الكمال في الأشياء الخارجية هو تعبير ثانوي عن طلب كمال الذات، وهو يأتي في دور الاستعاضة عن كمال الذات، وأن الشعور بالكمال من خلال المنزل والسيارة الفخمة هو استعاضة عن نقص في الذات، ولكن هذا الأمر لا يعطي قوة في مواجهة التحديات، ولا يعطي الشجاعة، ولا يوقف الانسحاق أمام المناصب أو أمام امرأة جميلة.
وذكر سماحته أن صاحب النفس الكبيرة لا يمكن أن يشكو ضيق كوخه إلا بما يضيق على البدن، متسائلاً في الوقت ذاته «هل شعر أباذر بالتقزّم الذاتي وهو في الصحراء؟ وهل داخله شعور بأن معاوية أشرف منه؟ طبعاً لا، فهو على سموه الروحي وهذا السمو لا يكاد أن يبقي أثراً في نفسه».
وأوضح سماحته أن طلب الكمال يأتي في صورة العبادة والتعلق الفكري والنفسي واقتباس الصفات من صفات الله الحسنى، مشيراً إلى ضرورة أن يكون السلوك إلى الله عز وجل عبر المنهج الذي ارتضاه هو، فلا سير إلى الله خارج شريعته.
هذا، وأشاد سماحته بسماحة الشيخ عادل الشعلة، واصفاً إياه بالأستاذ المقتدر. حيث سيقوم الأخير بالاستمرار في تحديث الدورة لأسابيع عدة مقبلة، وذلك في مساء كل أربعاء بمأتم كرباباد. ومن المتوقع أن تلاقي الدورة إقبالاً شبابياً كبيراً، خصوصاً مع تأكيد مركز التدريب أن 90 شخصاً من الرجال والنساء قد سجلوا في الدورة.
لبيك عيسى قاسم
لبيك عيسى قاسم